“أحوال” في مخيم برج البراجنة :” كورونا مرّ من هنا ونحن بخير”
سكّان المخيم منقسمون بين حذر وبين "الكورونا كذبة"
تخرج سيدة في العقد الخامس من عمرها وهي تضع كمّامة للوقاية من فايروس “كورونا “. في المقابل تدخل سيدة أخرى من دون أن تضع الكمامة وكأنّها لا تخشى الفايروس…
أهلا وسهلاً بكم في مخيم برج البراجنة الذي ينقسم بين مشهدين جسّدتهما هاتان السيدتان، حيث تجد أشخاصاً يتقيّدون بقواعد الوقاية، في حين لا يهتمّ آخرون للأمر.
يُعرف المخيم كباقي مخيمات اللاجئين في لبنان باكتظاظه السكاني، وفي مخيم “برج البراجنة” تحديداً زاد الاكتظاظ بعد استقبال المخيمات لعدد كبير من العائلات السورية النازحة. ولكن ماذا عن انتشار فايروس “كورونا” داخل المخيم؟
” أحوال” قام بجولة على المخيم وقابل سكانه الذين نقلوا أجواء التأقلم مع الوباء وكيفية الوقاية منه.
“كورونا كذبة”
داخل المخيم ، لا تخلو الأزقة من تجمعات شبابية أمام المحلات التجارية الصغيرة. يضحك أحدهم عند سؤالنا عن سبب عدم وضعه الكمامة ويقول “عنجد انت مصدقة في كورونا “، ليستوقفنا آخر موضحاً وجهة نظره ” انا لم أضع الكمامة يوماً، كما أنني لم أتوقف عن العمل للحظة “. يملك الأخير مطعماً صغيراً لبيع الفلافل. وبرأيه، معظم الذين يعملون داخل المخيم لا يستطيعون الإقفال ولو لبضع ساعات، بسبب سوء الحالة الاقتصادية قبل وجود جائحة “كورونا”. يؤكد من وجهة نظره أنّه ” لو كورونا موجودة لأُصيب نصف سكان المخيم منذ الأسبوع الاول من انتشارها”.
يقاطعه صديقه ويؤيّد كلامه”، ومن ثم يوضح أن ” حجم البؤس الذي يعيشه سكان المخيمات تقوّي مناعتهم التي تتحدى أخطر فايروسات العالم”.
إذاً، لا يخشى عدد من شباب المخيم الفايروس. يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، حتى أنهم لا يلجأون الى وسائل الوقاية. يرفضون فكرة الحجر المنزلي او إقفال محالهم، وهم يبحثون بصعوبة عن سبل العيش الكريم.
حسن الخطيب ، لاجىء فلسطيني آخر يقيم في المخيم. يلخّص الواقع على الشكل التالي “نحن نعيش أسوء حالة عشوائية لمجموعة بشرية على الأرض”. يلقي حسن اللوم على كل من الأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية والفضائل الفلسطينية، ويتهمها بعدم تعاطيها مع المخيمات “ككائنات بشرية”. وفي ظلّ هذا الواقع، يؤكد حسن أن ” الخدمات الصحية داخل المخيّم هي شبه معدومة”، ويعود السبب في ذلك إلى “فشل اللجان الشعبية والقيادات والأونروا في التأثير على المجتمع الفلسطيني”.
وقاية من الفايروس وتنمّر
في المشهد الأخر ، هناك مجموعة من سكان المخيم التي تتقيّد بجميع التعليمات وتعتمد أسس الوقاية، خشيةً من التقاط الفايروس.
يتولى صاحب سوبرماركت قياس درجة حرارة كل شخص يدخل محله، ويمنع الدخول بتاتاً من دون وضع الكمامة. اما داخل السوبرماركت فيحدّد عدداً معيناً للزبائن ويمنع الاكتظاظ فيه.
ورغم الوقاية والتعليمات، لم يفلت المخيم من تسجيل عدد من الاصابات، إضافة الى إلزام بعض المشتبه بإصابتهم بالحجر المنزلي. مصطفى بلقيس هو مسؤول نشاطات جمعية “الغد” في مخيم برج البراجنة، ومن الحالات التي كان مشتبهاً بها”. يلفت مصطفى الى “تعليق الجمعية لكل نشاطاتها منذ بداية انتشار الفايروس “، ويؤكد انه بعد اختلاطه مع مصابين حجر نفسه 16 يوماً قبل التأكدّ من نتيجة فحص ال pcr التي جاءت سلبية.
أما الشاب الفلسطيني أحمد ، فهو من ضمن المتعافين من “كورونا” داخل مخيم برج البراجنة. يروي معاناته “السيئة” مع الفايروس ، وتعرضه للتنمّر من قبل سكان المخيم الذين كانوا يرفضون الاقتراب منه كلما صادفوه ، كما اتهموه بأنه ” من قام بنقل العدوى داخل المخيم”.
ونقل احمد الفايروس الى والدته وجدّته التي تلّقت العلاج في المستشفى. من جهتها، تصبّ والدته جمّ غضبها على كل شخص ابتعد عنها بعد إصابتها، ولم يتصل للاطمئنان عليها وعلى أفراد عائلتها. وبسبب المواقف التي واجهتها تقول ” نحن بخير ولكن سأعامل بالمثل كل من يصاب بالفايروس”.
200 اصابة و5 وفيات
يلفت عضو لجنة طوارئ كورونا في المخيم ومسؤول الجبهة الديمقراطية احمد ربحي سخينة الى ان المخيمّ ” يضمّ أكثر من 40 ألف نسمة من اللاجئين الفلسطنيين وجنسيات أخرى”. ويؤكد وجود ” 200 اصابة وخمس حالات وفاة فلسطينية داخل المخيم” حتى موعّد كتابة هذه السطور .
ويشرح سخيني أنّ” المخيّم يعاني من الحرمان على مدار سنوات النكبة ، نتيجة القوانين اللبنانية التي فرضت على اللاجىء الفلسطيني واقعاً اقتصادياً صعباً”.
كما يلفت الى أنه ” تزامناً مع انتشار الفايروس تمّ تشكيل لجنة طوارئ من الهيئات الطبية والمؤسسات والقوى الأمنية،إضافة الى فصائل الثورة الفلسطينية ، وفرضت جميعها إجراءات وقائية في المخيم” . ويدعو سخيني بإسم سكان المخيم منظمة “الأونروا ” إلى ضرورة توفير خطة طوارئ صحية واغاثية، ” لأن الوضع في المخيمات لا يُحتمل”، بحسب تعبيره.
إعداد: زينة برجاوي
تصوير: جواد مرتضى
مونتاج وغرافيكس: غادة مسلم